رئيسا لطائفة بائعي السبح في مكة المكرمة فايز الزهراني

المقدمة

تحتل السبح والأحجار الكريمة مكانة خاصة في مكة المكرمة، حيث تمتد شهرتها إلى أسواق العالم الإسلامي كافة. تعتبر مهنة السبح من التقاليد العريقة التي ترسخت عبر القرون، ولا يزال شيوخ هذه الطائفة يحتفظون بمكانتهم الخاصة ودورهم الفاعل في الحفاظ على هذه الحرفة التراثية. ومن بين هؤلاء الشيوخ البارزين يأتي فايز بن حمدان الزهراني، شيخ طائفة السبحية في مكة المكرمة وأكبر مستورد للسبح على مستوى السعودية.

نشأة وتاريخ المهنة

فايز بن حمدان الزهراني، يحمل مؤهل الكفاءة المتوسطة، ويعمل رئيسًا لطائفة بائعي السبح في مكة المكرمة منذ عام 1421هـ. شغل هذا المنصب بعد انتخابات نظمتها أمانة العاصمة المقدسة، حيث تم اختيار رؤساء الطوائف بناءً على معايير محددة لضمان الكفاءة والقدرة على الحفاظ على التراث.

بدأ الزهراني مسيرته المهنية في صناعة السبح منذ أن كان عمره 15 عامًا، حيث تعلم الحرفة على يد والده. عمل في محل والده الواقع في شارع الصفا، واستمر في تعلم وصقل مهاراته حتى أصبح واحدًا من أبرز الأسماء في هذا المجال.

طبيعة المهنة وتعلمها

يؤكد الزهراني أن مهنة السبحية، رغم أنها تبدو بسيطة، تحتاج إلى حب وعشق للحرفة لتصبح سهلة التعلم. يرى أن زبائن هذه المهنة يتمتعون بذوق رفيع، مما يدفع البائعين إلى تطوير منتجاتهم باستمرار لتلبية احتياجاتهم.

تعليم الأبناء واستمرار الحرفة

فايز الزهراني علّم اثنين من أبنائه، فيصل وريان، هذه الحرفة. يعملان معه بحماس وحب، مما ساعده في إدارة فروعيه الأربعة في مكة المكرمة. يؤكد الزهراني على أهمية تواجد صاحب العمل بشكل دائم في المحل لضمان جودة المنتجات وعدم الاعتماد الكلي على العمالة الوافدة.

مراحل صناعة السبح

تمر صناعة السبحة بعدة مراحل تبدأ باختيار نوعية الخام، سواء كان خشبًا أو حجرًا أو زجاجًا أو بلاستيكًا. يتطلب العمل على كل خامة مهارات خاصة لضمان الجودة العالية. بعد اختيار الخام، تأتي مراحل الخرط، الثقب، الصقل، التلميع، التطعيم، والنظم.

الفرق بين أنواع السبح

يختلف عدد حبات السبح بناءً على ديانة مقتنيها؛ فسبحة المسلم تتكون من 33 أو 99 حبة، بينما تتكون سبحة المسيحيين من 21 حبة، وتأتي سبحة اليهود بـ 45 حبة.

تطوير آليات العمل

حاول الزهراني تطوير آليات العمل في صناعة السبح، ولكنه واجه تحديات اقتصادية جعلت من الصعب تحقيق الجدوى المطلوبة. رغم ذلك، يواصل تطوير المنتجات بإضافة مظاهر جمالية بعد استيرادها من الخارج.

إقبال الناس على شراء السبح

يشير الزهراني إلى أن هناك إقبالًا قويًا على شراء السبح من مختلف أنواعها، ويأتي السعوديون في مقدمة المقتنين للسبح الثمينة، يليهم الخليجيون. كما يلاحظ أن هناك تفاوتًا في نسب اقتناء السبح بين الفئات العمرية والجنسية، مع إقبال كبير من قبل الشباب.

عودة الصلاحيات لشيوخ المهن

ينادي الزهراني بإعادة الصلاحيات لشيوخ المهن للفصل في النزاعات المتعلقة بمهنهم، مستشهداً بتجربة الدولة العثمانية حين كان شيوخ المهن هم الفيصل في النزاعات بين البائع والمشتري. يرى أن إعادة هذه الصلاحيات ستسهم في حل النزاعات بشكل أسرع وأكثر فعالية.

المعوقات والتحديات

من بين المعوقات التي تواجه المهنة هو حظر استيراد المواد المصنوعة من العاج بسبب قوانين حماية البيئة، مما أسهم في ارتفاع أسعار العاج. ومع ذلك، يواصل الزهراني تحدي هذه المعوقات بتقديم منتجات ذات جودة عالية تلبي احتياجات السوق.

أنواع السبح وأسعارها

يقدم الزهراني مجموعة متنوعة من السبح بأسعار متفاوتة. تشمل الأنواع الشهيرة سبحة خشب الكوك، سبحة العاج، سبحة اليسر، سبحة اللازورد، سبحة خشب الأبنوس، وسبحة الكهرمان. تتراوح أسعار هذه السبح بناءً على نوع الخام المستخدم والمظهر الجمالي المضاف.

الختام

بعد مسيرة طويلة تمتد لأكثر من 25 عامًا في هذه المهنة، يعتبر فايز الزهراني هذه الحرفة شهادة يعتز بها. أسهمت هذه المهنة في تحقيق نجاحات كبيرة له، وجعلت منه اسمًا معروفًا في سوق السبح والأحجار الكريمة. يواصل الزهراني الحفاظ على هذا التراث العريق وتطويره، ليظل جزءًا لا يتجزأ من هوية مكة المكرمة الثقافية والتراثية.